منذ بداية منافسات كأس آسيا، التي انعقدت هذه السنة في مناخ خليجي يشوبه توتر سياسي غير مسبوق، والباحثون في جيوسياسية الرياضة، وفي مقدمتهم المخضرم باسكال بونيفاس، يترقبون السيناريوهات التي من شأنها أن تغذي فرضياتهم في هذه المادة البحثية التي لا تزال في مهدها..
اليوم، بعد فوز قطر بالكأس، حصلوا على مادة دسمة تغني فرضياتهم بشأن تأثير كرة القدم على السياسة، وتقدير الذات الجمعي، والتراتبية الاجتماعية بمفهومها الأوسع، والتأثير والتأثر بين المجتمعات، والتقارب والتنافر بين الشعوب، وغيرها
الفوز القطري ما كان ليشكل مادة دسمة لولا الشحن الاعلامي وغياب صوت الحكمة عن السلطة السياسية في تدبير هذه المناسبة التي نجري فوق منصة عالمية، ما فسح المجال للأحذية والقنينات التي رشق بها اللاعبون، والاحتفالات التي منعت على الجمهور، وامتناع الاعلام الإماراتي عن إعلان قطر بطلة آسيا، وغياب حكام الإمارات عن حفل التتوبج، ولا زالت الأحداث تتفاعل..
المنافسات الرياضية الدولية الكبرى، على غرار كأس العالم والألعاب الأولمبية والكؤوس القارية، تشكل أهم فرصة لتحقيق الوحدة بين الدول، مثلما تشكل مناسبة لتعميق الشرخ بينها، بل وبين شعوبها، على غرار التظاهرات العنيفة التي اندلعت ضد اليابان عقب نهاية المباراة النهائية لكأس آسيا لسنة 2004، وما بات يعرف ب”حرب كرة القدم”، التي اندلعت بين الهندوراس والسالفادور عقب مباراة كروية جمعت منتخبيهما سنة 1969 في اقصائيات كأس العالم 1970.
أكيد أن الخليج لم يصل إلى درجة القتال المسلح، لحدود الساعة على الأقل، ولكن هذا التتويج سيزيد من عمق الشرخ وإذكاء ثقافة الكراهية بين شعوب البيت الخليجي الواحد..
Soyez le premier à commenter